ثقافة من تونس إلى طرابلس: عودة الروح إلى المتحف الوطني الليبي بعد 14 عاما
نظّمت سفارة دولة ليبيا لدى الجمهورية التونسية، مساء الجمعة 12 ديسمبر 2025، حفلا بهيجا بقصر المؤتمرات في العاصمة تونس، وذلك بالتزامن مع إعادة افتتاح المتحف الوطني الليبي في طرابلس. سبق الاحتفال الرسمي مجموعة من العروض الموسيقية التي قدّمتها فرق ليبية، قبل أن يستقبل سعادة سفير ليبيا بتونس، السيد مصطفى قدارة، نخبة من الشخصيات البارزة في مقدمتهم السيدة أمينة الصرارفي، وزيرة الشؤون الثقافية التونسية، بالإضافة إلى عدد كبير من الوجوه السياسية والإعلامية والفنية من كلا البلدين.
وفي الكلمة التي ألقاها بهذه المناسبة، تحدّث سعادة السفير مصطفى قدارة عن أهمية هذا الحدث الذي يمثل خطوة نحو استعادة ليبيا لمجدها وحضارتها العريقة. وأكد السفير أن المتحف الوطني هو ذاكرة الأمة ورمز وحدتها، وأن إعادة افتتاحه تبعث برسالة أمل قوية.
وتخلل الحفل بث مباشر للافتتاح الرسمي للمتحف الوطني من ميدان الشهداء بطرابلس، بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية، السيد عبد الحميد الدبيبة، الذي أكد في كلمته أن "المتحف يمثل ذاكرة الوطن الكاملة التي تحفظ تاريخ ليبيا وحضاراتها المتعاقبة، وتعكس هوية الشعب الليبي عبر العصور".
وبالإضافة إلى تونس، نظّمت السفارات الليبية في عدد من العواصم العالمية، مثل برلين وباريس ومدريد وروما وإسطنبول والدوحة وأبوظبي والقاهرة وبلغراد وفاليتا، فعاليات متزامنة مع الافتتاح الرسمي في طرابلس. شهد حفل الافتتاح عرضا موسيقيا قدّمته فرقة أوركسترا السينما الإيطالية العالمية، وهي أول أوركسترا سيمفونية إيطالية مخصصة بالكامل للموسيقى التصويرية، إلى جانب عروض فنية وبصرية سردت تاريخ ليبيا الممتد لآلاف السنين.
يذكر أن المتحف ظل مغلقا لنحو أربعة عشر عاما بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، ويعد من أهم الصروح الثقافية في شمال إفريقيا، حيث يحتوي على آلاف القطع الأثرية النادرة التي تعكس تاريخ ليبيا الغني والمتنوع؛ بدءًا من العصور القديمة، مرورا بالحضارتين الرومانية والفينيقية، ووصولا إلى الحقبة الإسلامية.
ومن أبرز مقتنياته مومياء "وان موهيجا" التي تعد من أقدم المومياوات في إفريقيا، ومومياء الجغبوب التي يتجاوز عمرها 1800 عام، بالإضافة إلى معروضات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ومقتنيات من العهد البيزنطي والحضارتين الرومانية والإغريقية، فضلا عن مجموعة من الفسيفساء الشهيرة مثل لوحة "الفصول الأربعة".
كما يضم المتحف جناحا خاصا بالقطع الأثرية المستردّة من الخارج، وأقساما مخصصة للقبائل الليبية القديمة، والحضارة الإسلامية، والتراث والحياة التقليدية، بالإضافة إلى مساحات مهيّأة لعرض سِيَر المجاهدين والشخصيات الوطنية. وتتضمن الأقسام قاعات للتنوع الطبيعي مزوّدة بتقنيات حديثة، مثل الشاشات التفاعلية والخرائط الرقمية والنماذج الافتراضية التي تتيح للزوار استكشاف الصحراء الليبية وبيئاتها المتنوعة.
سناء الماجري